-
بين مكافحتهم وفضحهم.. تكسّر ما بقي من أجنحة لـ"الإخوان" بـ"مصر"
لا تزال دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعاني من ويلات عقد من الزمان، أفسح فيه المجال لتنظيمات الإسلام السياسي، وعلى رأسهم "الإخوان المسلمون"، بتحويل نظرياتها إلى واقع، وأحلامه في الحكم إلى حقيقة، لينال الدمار والخراب مجموعة من الدول في المنطقة.
حيث وجدت الأطراف الإقليمية في التنظيم المستتر تحت عباءة الدين، فرصة ذهبية لتغييب عقول شعوب المنطقة، عبر إطلاق وتبني جملة من الشعارات الرنانة، التي تلعب على الخلفيات الطائفية، فقمست شعوب المنطقة بشكل طولي وعرضي، قبل أن تتمكن الأنظمة والجيوش الوطنية من مواجهة تلك الآفات، وتكسر أجنحة التنظيم المتطرف، المُنفذ لأجندات أطراف إقليمية، ساعية للتوسع تحت شعارات وحدة المسلمين أو شرائح طائفية منهم.
أمام القضاء المصري
بالصدد، واصلت الدولة المصرية مكافحة التنظيم المتطرف، ونفذت في سبيل ذلك جملة من التدابير الأمنية والوقائية، وبالصدد، أصدرت جهات التحقيق في مصر، منتصف مايو الماضي، قراراً بالتحفظ على أموال 29 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ومنعهم من التصرف فيها، تنفيذاً للقرارات الصادرة بإدراج أسمائهم ضمن قوائم الإرهابيين لمدة 5 سنوات، إضافة إلى إدراج جماعة الإخوان على قوائم الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات، وأوضحت وقتها، أن قرارات التحفظ صدرت باعتبارها من بين الآثار المترتبة على قرار الإدراج ضمن قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، وإعمالاً للمادة 7 من قرار رئيس الجمهورية رقم 8 لعام 2015 في شأن تنظيم الكيانات الإرهابية والإرهابيين.
وفي بداية يونيو الجاري، قضت محكمة الجنايات وأمن الدولة العليا في مصر بإعدام 3 من أعضاء تنظيم الإخوان، كما حكمت على 20 من أعضاء التنظيم بالسجن المؤبد، بعد إدانتهم في 18 قضية، حيث جاء الحكم بعد اتهام المتهمين بمحاولة اغتيال المستشار طارق أبوزيد رئيس محكمة جنايات الفيوم -آنذاك- واغتيال أمناء وأفراد الشرطة، وإطلاق النيران على المنشآت الشرطية، وإعداد وزرع عبوات ناسفة ومتفجرات في مناطق حيوية، وإشاعة الرعب والبلبلة بين أوساط المواطنين، لإشاعة حالة من الإرهاب والفوضى بالبلاد لإسقاط مؤسسات الدولة.
اقرأ أيضاً: التضييق التركي على الإخوان.. هل يناور أردوغان مجدداً بورقة الإسلام السياسي؟
وجميعهم تمت إدانتهم في 18 قضية وقعت بين نهاية عام 2014، والشهور الأولى من عام 2015، إذ أن قيادات تنظيم الإخوان قاموا بإحياء الجهاز السري للتنظيم تحت مسمى "لجان العمليات النوعية"، وتكليفه بتنفيذ وقائع الاغتيالات والأعمال العدائية ضد المخالفين لتوجيهات التنظيم من الشخصيات العامة، والعاملين بالقوات المسلحة، ووزارة الداخلية، والقضاء.
وعمد عناصر التنظيم إلى تنفيذ مخططاتهم، والذين تم تقسيمهم على هيئة "خلايا عنقودية" من خلال بعض المسميات لحركات تحمل طابع السرية لصعوبة كشف أعضائها وتوجهاتهم وانتماءاتهم، فقام أعضاء التنظيم برصد ضباط وأفراد الشرطة، والقوات المسلحة، ورجال القضاء، وتحديد مساكنهم، وتحركاتهم، والسيارات التي يستخدمونها في تنقلاتهم، فضلاً عن رصد بعض المنشآت الشرطية، والعامة، والقيام بتنفيذ أعمال عدائية ضدهم.
تقرير موثق لمجلسَي العموم واللوردات البريطاني
وفي سبيل فضحهم، أعلنت دار الإفتاء المصرية، منتصف مايو، عن قيام مفتي مصر، شوقي علام، بتوزيع تقرير مهم وموثق باللغة الإنجليزية على جميع أعضاء مجلسَي العموم واللوردات البريطاني حول جماعة الإخوان المسلمين، حيث كشف التقرير حسب دار الإفتاء المصرية جذور العنف لدى جماعة الإخوان ويبين تاريخهم الدموي، وذلك على هامش كلمته التاريخية التي ألقاها أمام أعضاء مجلس النواب (العموم) البريطاني.
وأوضحت حينها، الدار أن التقرير فضح جماعة الإخوان وكشف عن منهجها المتطرف منذ نشأتها وارتباطها بالتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها "داعش"، و"حسم" وغيرهما، وأهم الأفكار المتطرفة التي تتبناها الجماعة، والشخصيات التي أسست ونظَّرت للعنف داخلها منذ إنشائها.
اقرأ أيضاً: المنصات الإخوانية تُرغّب السوريين بالعودة للاستيطان شمالاً.. ونسيان مناطقهم الأصلية
كما ضم التقرير نشأة جماعة الإخوان المسلمين التي كانت نتاجاً للسياق السياسي في ذلك الوقت، واستجابة للمشاعر المعادية للاستعمار في مصر، وكان خطابها مغايراً للخطابات الأصولية المعادية للاستعمار، حيث اتبعوا أسلوب المقاربة واستغلت الإسلام والنصوص الدينية كأداة ضد المجتمع من أجل تحقيق مكاسب سياسية تصب في صالح الجماعة بدلاً من نفع الأمة.
وذكر التقرير أن جماعة الإخوان تبنت نهج الإرهاب والعنف منذ نشأتها باعتراف مرشدها الأعلى، مصطفى مشهور، في ذلك الوقت، الذي قال بضرورة استخدام العنف والقوة المسلحة، ونظَّر لذلك في محاضراته، فقال في إحداها: "لن نحقق النصر إلا من خلال الإرهاب والتخويف، ويجب ألا نستسلم للهزيمة النفسية".
جذور ومنهجية العنف
كما ونوه التقرير إلى أن جماعة الإخوان كانت تعمل بوجهين، الأول هو الوجه الظاهر لعامة الناس والجماهير، حيث قدموا أنفسهم كمصلحين اجتماعيين وكقوة معارضة، أما الوجه الثاني فتمثل في إنشاء "الجهاز السري" للجماعة الذي كانت مسؤوليته تنفيذ العمليات الإرهابية والاغتيالات، ونشر الخوف، والاستيلاء القسري على حكم البلاد في أقرب فرصة فيما يسمونه بالتمكين.
وعن "جذور ومنهجية العنف" عند جماعة الإخوان الإرهابية، بيّن التقرير أن مؤسس الجماعة حسن البنا الذي أسس لهذه الجماعة الراديكالية العنيفة منذ عشرينيات القرن الماضي، قدم نفسه وجماعته على أنها حركة إصلاحية، لكنه شرع للعنف وأعطاه صبغة دينية تحت ذريعة "الجهاد، ضرورة لإقامة دولة إسلامية، وإحياء الخلافة، وتطبيق الشريعة الإسلامية".
اقرأ أيضاً: رسالة دعم منسوبة لمرشد الإخوان تشعل جبهات التنظيم المتناحرة
وكشف التقرير أن جماعة الإخوان تبنت منهج العنف تحت ستار الجهاد الذي يعد مفهوماً لا غنى عنه في أيديولوجية البنا، وهو الأمر الذي كان له النصيب الكبير من خطبه وكتاباته، لذا كان البنا حريصاً على إنشاء مجموعة قوية قادرة على استعادة الحكم الإسلامي وتطبيق الشريعة الإسلامية؛ لذلك اندمجت قوتان لا غنى عنهما عند حسن البنا وهما: قوة الوعظ وقوة السلاح، من ثم دعا الجماعة إلى اعتناق القوة كهدف ووسيلة.
ملاحقة عناصر التنظيم خارج مصر
وبعد سنوات من بثهم برامجهم من تركيا، وعقب إدراك الأخيرة إن إمكانية عودة التنظيم إلى الحكم في مصر قد باتت معدودة، قررت أنقرة مصالحة القاهرة، والتضحية بمن قدموا لها "خدمات جليلة" على حساب وطنهم، إذ تلاحقت إعلانات إعلاميي الإخوان المصريين العاملين في تركيا، عن توجههم للخروج من الأخيرة، ومنها في الثامن عشر من مايو الماضي، عندما كشف المذيع الإخواني محمد ناصر عبر تغريدة في تويتر، عن رحيله من تركيا، عقب أن أقام فيها 8 سنوات، عمل خلالها مقدّماً بفضائية "مكملين" التابعة للتنظيم، مضيفاً أنه سينتقل إلى بلاد أخرى، شاكراً تركيا على الاستضافة.
وجاء قرار المذيع الإخواني عقب أسابيع من إعلان فضائية "مكملين" التي كان يعمل بها، عن وقف عرض برامجها بشكل نهائي من تركيا، وإغلاق استديوهاتها في اسطنبول، وذلك بعدما طالبت السلطات التركية إدارة الفضائية إلى وقف برامجها المنتقدة لمصر ودول الخليج أو التوقف نهائياً عن البث من أراضيها.
اقرأ أيضاً: لأجل النفط.. مفتي الإخوان في ليبيا يحرّض الدبيبة على الحرب
وقد تم إدراج اسمه ضمن قائمة من أسماء مذيعي الإخوان ممن طالبتهم أنقرة بوقف نشاطهم، من ضمنهم معتز مطر، وحمزة زوبع، وهشام عبد الله، وحسام الغمري، وهيثم أبو خليل، وكذلك وقف أنشطتهم الإعلامية، سواء على منصات فضائية ومواقع التواصل الاجتماعي ويوتيوب من أراضيها، مهددةً من لم يلتزم منهم بالترحيل.
ورغم أن التنظيم في مصر، قد يكون في أضعف حالاته مقارنة بالعقد الماضي، إلا أن جهود مواجهته لا ينبغي أن تتراجع، لا في مصر ولا في غيرها، في ظل المخاطر التي يحملها التنظيم على دول أخرى من الشرق الأوسط، على رأسها سوريا، المهددة بالتقسيم، من بوابة السيطرة التركية على أجزاء من أراضيها، مستترةً بالتشكيلات العسكرية والإدارية الدائرة في فلك الإخوان، تحت مسميات "جيش وطني"، "ائتلاف وطني".. إلى آخره من تسميات مستترة بالـ"وطنية".
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!